فصل: اللغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.البلاغة:

1- الاستفهام الإنكاري التقريعي: تقدم في الإعراب أن الاستفهامات التي وردت في هذه الآيات سبعة وقد خرجت عن معناها الأصلي إلى الإنكار والتوبيخ والتقريع على ما أرجفوا به من زعمهم أن اللّه فضّلنا عليكم في الدنيا فلابد من أن يفضّلنا عليكم في الآخرة أو على الأقل إن لم يحصل التفضيل فلا أقل من المساواة ففند اللّه مزاعمهم الفائلة مقرّعا وموبّخا وجاءت متعاقبة: أولها {أفنجعل}، والثاني {ما لكم}، والثالث {كيف تحكمون}، والرابع {أم لكم كتاب}، والخامس {أم لكم أيمان}، والسادس {أيّهم بذلك زعيم}، والسابع {أم لهم شركاء}، وقد انتظمت في سلك من الفصاحة والبيان يعنو له كل بيان.
2- وفي قوله: {يوم يكشف عن ساق} استعارة تمثيلية، وأصل هذا الكلام يقال لمن شمّر عن ساقه عند العمل الشاق لأن من وقع في شيء يحتاج إلى الجدّ يشمّر عن ساقه فاستعير الساق والكشف عنها لشدّة الأمر.
وعبارة الزمخشري: الكشف عن الساق والإبداء عن الخدام مثل في شدة الأمر وصعوبة الخطب وأصله في الروع والهزيمة وتشمير المخدرات عن سوقهنّ في الهرب وإبداء خدامهنّ عند ذلك.
وقول الزمخشري: والإبداء عن الخدام جمع خدمة وهي الخلخال وذلك كرقاب جمع رقبة قال حاتم:
أخو الحرب إن غصّت به الحرب عضّها ** وإن شمّرت عن ساقها الحرب شمّرا

وقال ابن الرقيات:
تذهل الشيخ عن بنيه وتبدي ** عن خدام العقيلة العذراء

والتشمير عن الساق كناية عن اشتداد الأمر وصعوبته وأصله أن يسند للإنسان لأن تشمير الثوب عن الساق لخوض لجة أو جري أو نحوه فأسند للحرب لتشبيهها بالإنسان على طريق الاستعارة، أما البيت الثاني فقبله:
كيف نومي على الفراش ولما ** تشمل الشام غارة شعواء

تذهل الشيخ عن بنيه وتبدي ** عن خدام العقيلة العذراء

والخدام الخلخال والعقيلة الكريمة وعقيلة كل شيء أكرمه ومن النساء المخدرة التي عقلت في خدرها.
3- وفي تنكير الساق إبهام للمبالغة في الدلالة على أنه أمر مبهم في الشدّة منكر خارج عن المألوف المعتاد.
4- وفي نسبة الخشوع إلى الأبصار مجاز عقلي لأن ما في القلب يعرف من العين.

.[سورة القلم: الآيات 44- 52]

{فذرْنِي ومنْ يُكذِّبُ بِهذا الْحديث سنسْتدْرِجُهُمْ مِنْ حيْثُ لا يعْلمُون (44) وأُمْلِي لهُمْ إِنّ كيْدِي متِينٌ (45) أمْ تسْئلُهُمْ أجْرا فهُمْ مِنْ مغْرمٍ مُثْقلُون (46) أمْ عِنْدهُمُ الْغيْبُ فهُمْ يكْتُبُون (47) فاصْبِرْ لِحُكْمِ ربِّك ولا تكُنْ كصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وهُو مكْظُومٌ (48) لوْ لا أنْ تداركهُ نِعْمةٌ مِنْ ربِّهِ لنُبِذ بِالْعراءِ وهُو مذْمُومٌ (49) فاجْتباهُ ربُّهُ فجعلهُ مِن الصّالِحِين (50) وإِنْ يكادُ الّذِين كفرُوا ليُزْلِقُونك بِأبْصارِهِمْ لمّا سمِعُوا الذِّكْر ويقولون إِنّهُ لمجْنُونٌ (51) وما هُو إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالمِين (52)}

.اللغة:

{سنسْتدْرِجُهُمْ} نأخذهم قليلا قليلا، يقال: استدرجه إلى كذا: قرّبه إليه ورقّاه من درجة إلى درجة وجعله يدرج على الأرض قال الخطيب: {سنستدرجهم} أي سنأخذهم بعظمتنا على التدريج لا على غرّة في عذاب لا شك فيه.
{مكْظُومٌ} مملوء غمّا أو كربا، قال الماوردي: والفرق بينهما أن الغم في القلب والكرب في الأنفاس. وقيل {مكظوم}: محبوس والكظم الحبس وقال المبرد: إنه المأخوذ بكظمه وهو مجرى النفس.
{ليُزْلِقُونك بِأبْصارِهِمْ} أي ينظرون إليك نظرا شديدا يكاد يصرعك ويسقطك من مكانك.

.الإعراب:

{فذرْنِي ومنْ يُكذِّبُ بِهذا الْحديث} الفاء عاطفة لترتيب الأمر على ما قبلها من أحوالهم المحكية ولك أن تجعلها فصيحة لأنها جواب شرط مقدّر والتقدير إذا كانت أحوالهم كذلك فذرني، وذر فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت يعود على الرسول صلى الله عليه وسلم والياء في محل نصب مفعول به والواو حرف عطف و{من} عطف على الياء أو الواو للمعية و{من} في محل نصب مفعول معه والأول أرجح وجملة {يكذب} صلة للموصول لا محل لها و{بهذا} متعلقان بـ: {يكذب} و{الحديث} بدل من اسم الإشارة.
{سنسْتدْرِجُهُمْ مِنْ حيْثُ لا يعْلمُون} كلام مستأنف مسوق لبيان كيفية التعذيب المستفاد من الأمر السابق إجمالا والضمير لمن، والجمع باعتبار معناها كما أن الإفراد في يكذب باعتبار لفظها، ونستدرجهم فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به و{من} حرف جر و{حيث} ظرف مبني على الضم في محل جر بمن والجار والمجرور متعلقان بنستدرجهم وجملة {لا يعلمون} في محل جر بإضافة الظرف إليها.
{وأُمْلِي لهُمْ إِنّ كيْدِي متِينٌ} الواو عاطفة و{أملي} فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره أنا لأنه معطوف على {سنستدرجهم} و{لهم} متعلقان بـ: {أملي} والإملاء الإمهال ومرادفة النعم والآلاء ليغترّوا، وسيأتي إيضاح هذا المجاز في باب البلاغة، وإن واسمها وخبرها والجملة بمثابة التعليل للإملاء.
{أمْ تسْئلُهُمْ أجْرا فهُمْ مِنْ مغْرمٍ مُثْقلُون} عطف على ما تقدم من قوله: {أم لهم شركاء} أي أم أتلتمس منهم ثوابا على ما تدعوهم إليه من الهداية والإيمان، و{تسألهم} فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به أول و{أجرا} مفعول به ثان والفاء عاطفة وهم مبتدأ و{من مغرم} متعلقان بـ: {مثقلون} و{مثقلون} خبر أي مكلفون حملا ثقيلا ينوءون تحته.
{أمْ عِنْدهُمُ الْغيْبُ فهُمْ يكْتُبُون} عطف أيضا و{عندهم} ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدّم و{الغيب} مبتدأ مؤخر والفاء عاطفة وهم مبتدأ وجملة {يكتبون} خبر.
{فاصْبِرْ لِحُكْمِ ربِّك ولا تكُنْ كصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وهُو مكْظُومٌ} الفاء الفصيحة واصبر فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت و{لحكم ربك} متعلقان باصبر والواو حرف عطف و{لا} ناهية و{تكن} فعل مضارع مجزوم بلا واسمها مستتر تقديره أنت و{كصاحب الحوت} خبر يعني يونس عليه السلام وقد تقدم حديثه و{إذ} ظرف منصوب بمضاف محذوف أي ولا يكن حالك كحاله وقصتك كقصته في وقت ندائه والمعنى لا يوجد منك ما وجد منه من الضجر والمغاضبة فتبتلى بلاءه وجملة {نادى} في محل جر بإضافة الظرف إليها والواو حالية و{هو} مبتدأ و{مكظوم} خبر والجملة حال من ضمير {نادى}.
{لوْ لا أنْ تداركهُ نِعْمةٌ مِنْ ربِّهِ لنُبِذ بِالْعراءِ وهُو مذْمُومٌ} {لولا} حرف امتناع لوجود متضمن معنى الشرط و{أن} حرف مصدري ونصب و{تداركه} فعل ماض والهاء مفعول به و{نعمة} فاعل وذكر الفعل لأن تأنيث النعمة غير حقيقي و{من ربه} نعت لنعمة وأن وما في حيّزها في موضع رفع مبتدأ خبره محذوف وجوبا، واللام واقعة في جواب {لولا} ونبذ فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر تقديره هو و{بالعراء} متعلقان بنبذ أي بالأرض الفضاء الجرداء والواو حالية و{هو} مبتدأ و{مذموم} خبر والجملة حال من ضمير نبذ.
{فاجْتباهُ ربُّهُ فجعلهُ مِن الصّالِحِين} الفاء عاطفة على مقدّر أي فأدركته نعمة من ربه فاجتباه، واجتباه فعل ماض ومفعول به و{ربه} فاعله أي فجمعه إليه وقرّبه بالتوبة عليه، {فجعله} عطف على {فاجتباه} والهاء مفعول به أول و{من الصالحين} في موضع المفعول الثاني.
{وإِنْ يكادُ الّذِين كفرُوا ليُزْلِقُونك بِأبْصارِهِمْ لمّا سمِعُوا الذِّكْر} الواو استئنافية و{إن} مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن أو هي مهملة على الأرجح و{يكاد} فعل مضارع من أفعال المقاربة و{الذين} اسمها وجملة {كفروا} صلة واللام الفارقة ويزلقونك فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والكاف مفعول به و{بأبصارهم} متعلقان بيزلقونك و{لما} رابطة أو حينية ظرفية و{سمعوا} فعل وفاعل و{الذكر} مفعول به والمعنى أنهم من شدّة تحديقهم وإرسال النظر الشزر إليك يكادون يزلّون قدمك أو يهلكونك قال:
يتقارضون إذا التقوا في موطن ** نظرا يزل مواطئ الأقدام

وجواب {لما} محذوف للدلالة عليه أي لما سمعوا الذكر كادوا يزلقونك.
{ويقولون إِنّهُ لمجْنُونٌ} الواو عاطفة و{يقولون} عطف على يزلقونك وإن واسمها واللام المزحلقة ومجنون خبرها والجملة مقول قولهم.
{وما هُو إِلّا ذِكْرٌ لِلْعالمِين} الواو حالية و{ما} نافية مهملة لانتقاض النفي بإلا و{هو} مبتدأ و{إلا} أداة حصر و{ذكر} خبر هو و{للعالمين} نعت لذكر.

.البلاغة:

1- في قوله: {وأملي لهم إن كيدي متين} مجاز مرسل فقد سمى إمهاله إياهم ومرادفة النعم والآلاء عليهم كيدا لأنه سبب التورط والهلاك لأن حقيقة الكيد ضرب من الاحتيال، والاحتيال أن تفعل ما هو نفع وحسن في الظاهر وأنت تريد ضده وما حصل من سعة أرزاقهم وبلهنية عيشهم وطول أعمارهم هو في الظاهر إحسان عليهم والمقصود به الضرر والهلكة.
2- وفي قوله: {وهو مذموم} مجاز مرسل أيضا لأن اللوم في الحقيقة سبب للذم فالعلاقة السببية، وجميل قول الرازي: {وهو مذموم} على كونه فاعلا للذنب قال والجواب من ثلاثة أوجه: الأول أن كلمة لولا دالّة على أن هذه المذمومية لم تحصل، الثاني لعل المراد من المذمومية ترك الأفضل فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين، الثالث لعل هذه الواقعة كانت قبل النبوّة. وحمل الآية على المجاز أولى من تكلف هذه الاحتمالات. اهـ.

.قال أبو البقاء العكبري:

سورة ن:
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى: {ن والقلم} هو مثل: {يس والقرآن} وقد ذكر.
قوله تعالى: {بأيكم المفتون} فيه ثلاثة أوجه: أحدها الباء زائدة.
والثانى أن المفتون مصدر مثل المفعول والميسور: أي بأيكم الفتون: أي الجنون.
والثالث هي بمعنى في: أي في أي طائفة منكم الجنون.
قوله تعالى: {لو تدهن فيدهنون} إنما أثبت النون لأنه عطفه على تدهن ولم يجعله جواب التمنى، وفي بعض المصاحف بغير نون على الجواب.
قوله تعالى: {أن كان} يقرأ بكسر الهمزة على الشرط، وبفتحها على أنها مصدرية، فجواب الشرط محذوف دل عليه {إذا تتلى} أي أن كان ذا مال يكفر، وإذا جعلته مصدرا كان التقدير: لأن كان ذا مال يكفر، ولا يعمل فيه {تتلى} ولا {مال}، لأن ما بعد إذا لا يعمل فيما قبلها، و{مصبحين} حال من الفاعل في يصر منها لا في أقسموا، و{على حرد} يتعلق ب {قادرين} وقادرين حال، وقيل خبر غدوا لأنها حملت على أصبحوا.
قوله تعالى: {عند ربهم} يجوز أن يكون ظرفا للاستقرار، وأن يكون حالا من {جنات}.
قوله تعالى: {بالغة} بالرفع نعت لإيمان، وبالنصب على الحال، والعامل فيها الظرف الأول أو الثاني.
قوله تعالى: {يوم يكشف} أي اذكر يوم يكشف، وقيل العامل فيه {خاشعة} ويقرأ {تكشف} أي شدة القيامة، وخاشعة حال من الضمير في يدعون، و{من يكذب} معطوف على المفعول أو مفعول معه. اهـ.